وفي الليلِ، تشتعلُ الأسئلةُ وتصغرُ العبارةُ، كلُّ مساءٍ رصيفٌ ملائمٌ للتقوى، ويخطو العابدُ إلى ملجأٍ في جبلٍ حجارتُهُ توباتُ النسّاكِ منذ الخطيئةِ الأولى. تتجلى الروحُ العظيمةُ في انتصارٍ أوّليٍّ للروحِ على المادّةِ، يناديهِ غيمُ المعرفة، انتصبْ لتنتصرَ على جلدِك، لكنّهُ كان يحلمُ بالغيمِ ويرى نفسهُ ينساقُ مع الريحِ دونَ وزنٍ أو مشاعرَ من أي نوع، خفيفاً كرغوةٍ وفارغاً كصحراء وممتداً كبحرٍ وشاهقاً حتى يرى النجوم تحته. شاهدني بعينِ روحِكَ تنتصبُ أحاسيسُكَ كلُّها، قالَ الطيفُ، فانشقَّ العابدُ كبذرةٍ منقوعةٍ في غيمة، وقبل أن يتشظى جسدُهُ الدنيويُّ بقليل، تفتّحَ الفضاءُ حولَهُ، اختفتْ الجبالُ والآفاقُ، وسبَحَ في نورٍ لا نهائيٍّ. كانَ يبحثُ عن أجوبةٍ منذ ألف سنةٍ فاكتشفَ تفاهةَ الأسئلة، كان يبحثُ عن حقيقةٍ فرأى الحقائقَ كلَّها تدورُ حولَ الطيفِ كلعبةٍ بلا نهايةٍ، كان يبحثُ عن نفسِهِ فكانت جزءاً من الكلِّ الكلّيّْ. كان سعيداً كعشبةٍ في الرّيحِ على رأسِ جبلْ، لكنّهُ تاقَ إلى نفسِهِ منفردةً، سعادةٌ أقْلَقَتْها أحلامُهُ الصغيرةْ، جزءٌ صغيرٌ في نفسِهِ ظلَّ ينازِعُهُ الحنينُ إلى نفسِهِ، فتردَّدَ حائراً بينَ عالمين. وما زال.. |