كأنَّ الوقتَ مِنْ خَشَبٍ مقصوصْ، كُلَّما مرَّ الوقتُ جَفَّ وازدادَ خِفَّةً، لذا أقضي نصفَ الوقتِ أَحْرُسُ نصفَهُ الآخرْ، تأتيني الملائكةُ في صفوفٍ طويلةٍ ولا يدهشني شيءٌ غيرَ لونِها الذي لم يكُنْ أبيضَ إطلاقاً. الأمكنةُ تتحوَّلُ إلى وقتٍ حينَ تستعيدُ ذاكرتَها، فالوقتُ نسبةُ الفراغِ إلى الإمتلاءْ، والوقتُ لا يعنيه الزَّمَنُ، لكننا عندما نكتشفُ عقاربَ الساعةِ نفقدُ عقاربَ القلبْ. هي وقتُ الوقتِ، تغازلُ كلَّ فكرةٍ تمرُّ في غابتِها، وهو يذهبُ إلى نهاياتِ المدُنِ كي يؤلّفَ وسيلةً ليخرجَ من جلدِهِ كما يخرجُ ولدٌ من حكايةٍ، وكلاهما يطحنُ الوقتَ ليجرِّبَ مذاقَهُ مع القهوة. فيما الكتَابُ يُعيدُ الوقتَ إلى عُلبتِهِ، يغضبُ الوقتُ فنموتْ، نعتادُ فيموتُ الوقتُ، وبينما أتأمَّلُ مرورَ العصفورِ اليوميِّ على حافةِ الظلِّ رأيتُ رجلاً يجمعُ الوقتَ المتساقطَ من المارَّةِ، لكنّهُ ماتَ كالآخرينَ تماماً، وفي يومٍ آخر رأيتُ الرّجلَ ذاتَهُ يبيعُ وقتاً مَيْتاً للميّتينْ. لم تكُنْ تعي أنها تحكُمُ إيقاعَ الوقتِ في ظهورٍ مجحفٍ بالأخريات، كلماتُها تسقطُ كأعوامٍ على طُرُقِ المدينةِ، قالتْ كلمةً، وبعد العامِ ذاتِهِ: قالَ ولدٌ مَدْرَسِيٌّ: كم كان طويلاً قالَتْ امرأةٌ سعيدةٌ: بالأمسِ فقط التقينا... في مختبَرِ العُمْرِ نقطِّرُ الوقتَ من أجلِ لحظةٍ لا تأتي، ونتأمَّلُ أملاً مارّاً بخطىً متسكِّعةً، تعجبنا ألوانُهُ لكننا لا نلمَسُهُ تماماً كأنّهُ في شاشةِ سينما. |