يخيفكِ الدمُ يتردد في غابات أوردتِكْ، يخيفكِ اشتعالُ العطشِ في أنهارِ روحِكِ، ويرتمي القلقُ كشاطئٍ طويلٍ على عينيكِ فتغمضينَ نجمتين وتعلّبينَ الكلام. هي الحياةُ حبيبتيْ، سهلةٌ كحُلمٍ وجميلةٌ كبرعمِ وردْ، حينَ نُفرجُ عن أمنياتِنا، نتعرّى من احتقانِ الوقتِ في حناجِرِنا، ونرى النارَ والماءَ ماءً وناراً، ودعي يديكِ تسيلانِ نهراً حرّاً على خارطةِ الشَّغَف. من كثرة الوداع، صار جلدي وصيَّةَ هجرةٍ، وتنبّهَ الشجرُ في روحي إلى أن الغابةَ لا تودِّعُ أحداً، ولا تملكُ قدرةَ النسيانِ أو التذكُّرِ، فاختلقتُ موسماً خامساً كي أعدّلَ مسارَ الطبيعةِ وأفتحَ عينيكِ على الحياةِ التي بكَتْ حينَ رفعتِ خصلاتِ شعركِ بمشبكٍ من حنين، أكَلَتْني الحيرةُ فلم أعرف من أينَ أبدأ دراسةَ الخارطةِ فيكِ، فارتجلْتُ. تفتّتَ خوفُكِ لأرتمي على رملِ الحيرةِ مندلعاً كروايةٍ لا تنتهي، أحببتِ النارَ وأحببتُ التواجدَ في الظِّلِّ، ظلُّكِ ناري السريّةْ، ونومي ذهابُكِ في الغيابْ، تورّدَ الكلامُ في حريرِ اللونِ المُصَفّى كروحٍ شفّافةٍ، وتورّدتِ كفجرٍ يأتي على مهلٍ كعادةِ الصباحْ، صرتِ ناياً وصرتُ خفيفاً كذاكرة عصفورٍ عن الحَبّْ. لكِ خبّأتُ حلمين قديمينِ، وأعدتُ كتابةَ السواحلِ، وصارَ الندى لغتي، وعلى مهلٍ أعدتُ ذاكرتي إلى علبتِها، وفيما الوقتُ يرقصُ على قدمينِ من عاجْ، لم يَعُدْ في المدينةِ حارسٌ واحدٌ، فيما طعمكِ الورديُّ يحرُسُ جلدي والمكان. |