باسطاً ذراعيه نومُهُ يحرُسُ نومَهُمْ من حُلمِ العابرينْ، يروِّضُهُ غُمُوضُهُ، واللَّيلُ يَمَسُّ جفنيهِ كقطرةِ مطرٍ وحيدةٍ في صيفٍ طويلْ، نائمونَ والحكمةُ تنضجُ في انتباهِ القرونِ شكلاً إلهيَّاً لا يُقاوَمُ، ولا يفهمُ العابرُ اللحظيُّ أيَّةَ روحٍ طبَّعَها السُّكونُ وأدْلَجَها الموتُ في كلامٍ لم تستطِعْ أبجديَّةٌ حملَهُ دونَ وساطةٍ من اللّه. آمنوا بربِّهمْ، ولم يؤمِنْ بإيمانِهمْ غيرَ بريقِ النهاياتِ التي تجلسُ في كتابِ الخلودِ مؤنسَنَةً كصباحٍ من حليبِ الشموسِ، أخرجوا قلوبَهمْ إلى ضوءِ التسليمِ معلَّقينَ كرغبةٍ مؤجّلةٍ في ريشِ حمامةٍ تصلُحُ لتبادلِ الرسائلِ مع الغيبِ، لم يكُنْ النّومُ غيرَ اختبارٍ صوفيٍّ ينسجُ وقتَهمْ على أصابعَ إلهيّةٍ تعرفُ ما تُريدُ، تؤلِّفُ الغيمَ كترسٍ يحمي الخائفينَ من خوفِهمْ، وتُطَمْئِنُ الأرواحَ التي شرّدَتها المسافاتُ وأقلَقَها الذُّهولُ. حيثُ يُفرِغُ الفراغُ حالاتِهِ على وجوهِهِم، كانتْ روما تبعثُ برسائلِ الخرابِ إلى نفسِها، لا يستقيمُ إيمانٌ في بلادٍ تروي أزهارَها بدمِ القصيدةِ وكاتبِها، جلسَ الأباطرةُ على الأفكارِ كي يُخمِدوا رغبةَ الطقوسِ في جوِّهم المشيّدِ على سماءٍ مرتَجلةٍ وعَظَمةٍ تحشُرُ الأنظارَ في مواكبَ لا تُسامحُ الذينَ يرفعونَ كلماتِهِم إلى غيرِ القصرِ المسوّرِ برغباتِ الوصولِ المقصوصةِ قبلَ وصولِها. وثامِنُهُم يعلِّقُ حيرةَ النارِ على النار، ويضبطُ إيقاعَ النشيدِ قبلَ زوالِ الدولةِ عن حُلْمِها، والحلمِ عن دولتِهِ، كما يزولُ اللونُ عن البحرِ في الليلِ القادمِ عمداً. يقولون |