]1[ كأنها الصُّدفةُ أدخلتني الحياةَ دونَ حليبٍ أو شهادةَ ميلادْ. ]2[ أدْرُجُ على الرملِ في الحديقةِ السحريّةِ أزرعُ مخلوقاتٍ سريّةً وأقطفُ ذاكرةً من شاي الحطبْ ]3[ مليءٌ بالشمسِ مليءٌ بالظلِّ أُركِّبُ مفردةً على الخشبْ وأملأُ إبريقَ الفخّارِ من عِناديْ ]4[ الحياةُ تلوحُ فأرى أبي بيّارةً وأمّي شجرةَ كينا وجدّيْ مَثَلاً غريباً ]5[ ينزلُ الأعداءُ ساحةَ بيتِنا يأخذونَ مفرداتي وشجرتي الصغيرةْ وبديلاً للبيتِ يمدُّ الجنديُّ قطعةَ حلوىْ ]6[ أوّلُ حصَّةٍ في المدرسة تعلّمتُ كيفَ أقطفُ التوتَ دون أن أجرحَ الشجرْ ومشاعرَ البوّابِ الذي أكَلَهُ الظلُّ ]7[ الأنبياءُ كثيرونَ في كتابِ الدينِ أحبُّهمْ جميعاً أتعاطفُ مع يوسفَ في البئرِ حينَ يجبِرُني المدرِّسُ والإمام ]8[ حربٌ طويلةٌ لا أفهمها لكنها تُحزِنُني لأنها منعت والدي أن يروي لي القصص ]9[ يومها، لم أكن أعرف بعدُ لماذا أكره هذا اللونَ على الجنودِ وكانوا يطاردونني دون سببٍ غير حجرٍ صغيرٍ ألقيتُهُ للتجربة ]10[ أكبرُ قليلاً وشجرةُ الياسمين على بابِ جارتِنا تفقدُ سحرَها فقد هاجرتْ إبنةُ الجيران ]11[ أرى العمرَ طويلاً ما زالَ ويراني الأولادُ زائراً غريباً وأرى الكتابَ يفرِّخُ أصدقاءً وبلاداً أسكُنُها وحدي ]12[ أنتهي من حراسةِ حقيبتي وتنتهي خيولُ الأعداء من طفولتي أُصبِحُ ناياً في الطريقِ إلى المدرسةْ وخطّاً كوفيّاً في طريقِ العودةْ ]13[ تعالي أيتُها الحياةُ تعالَ أيُّها الرملُ الأبيض تعالَ أيها الصبّارُ فأنا لم أتعلّم المجيءَ بعدْ ]14[ يزهرُ نبضٌ في دمي وتركضُ كلماتٌ على الجدرانِ لا يراها أحد ولم يكتبها أحد ]15[ إمرأةٌ تأكُلُني فأخجلُ من أصدقائي فيما هم على جمرٍ لأنَّ واحدةً لم تأكلهمْ بعدْ ]16[ ما هذا الذي يخرج من جلدي ولِمَ تغطي النساءُ وجوههن وقد كنت أجلس في حجورهنَّ وأفعلُ ما أشاء؟ ]17[ كثعبانٍ يتقشّرُ جلدي وتخرجُ فراشتان وصوتُ نملٍ على رملْ ]18[ أعدُّ القضبانَ وأخطئ ففي دائرةٍ كهذه عليكَ أن تخطئ في العدِّ كي تستطيعَ النومْ ]19[ أرى الثلجَ والجبل وحَجَلاً وانتباهةَ انثى ومدينةً لا تكفُّ عن البلادةِ وولداً لا يكفُّ عن السؤال ]20[ يخرجُ الشِّعرُ من الخزانةِ يمشي في وريدٍ وحدَهُ أبلِّلُهُ كي يمضي فيغريني وأتبعُهُ ]21[ دمي يشتعلُ بإيحاءات القهوةِ حينَ يرسُمُها حطبُ البرتقالِ امرأةً سوداءَ كبناتِ اورشليمْ في جيدِها حبةُ هالٍ وأغنية ]22[ الشوارعُ ملأى بالشهداء والشهداءُ طافحون بالأغنيات وأنا أرمي نومي من الشبّاكِ وأنامُ مرتدياً كاملَ عدّتي ]23[ رام الله، تُخرِسُ النساءَ جميعهنَّ ترتديْ زنبقاً في الصباحْ وخابيةَ نبيذٍ في المساءْ وتتركُ الليلَ سائباً كغابةٍ بِكْرْ ]24[ جنودٌ على البحرِ، في البحرِ وقلبي كذلكَ والرملُ يفهمُ لكنّهُ يصمتُ فيما لا أملكُ غير غيظي وقصيدتي ]25[ الراقصونَ الذينَ كبُرَتْ أحلامُهمْ أجبروا الخشبَ على الغناءِ فيما العازفُ الأعمى يرى نهرين بين أصابعِهْ ]26[ مُهرُ الوقتِ، يتمرّنُ على القفزِ أسمّي الندوبَ في الروحِ حينَ يسقطُ أصدقائي دونَ وداعْ وأنا أُحصي سقوطَهمْ من النافذة ]27[ أمسكُ الورقَ الأسودَ ببهجةٍ ملائكيّةٍ لم أعرفْ يومَها أن الفَرَحَ الكبير يجعلُ الآخرين يعدُّونَ للمعركة
]28[ يأتونَ كطيورٍ تطلبُ الدفءَ والبحرَ يُفلِتونَ من ضرائبِ الليلِ يأكُلوننا، نأكُلُهُم ثم يظهر أن المسرحيّةَ ارتجالٌ منذ البداية ]29[ اغترابٌ بين عالمين توأمين تنزُّ لغتي من ثعالبَ على الرصيفين الوردةُ لا تحبُّ الإسمنتَ ولا ترى الفراغَ كي تشكو للسماء ]30[ يا الله!!! كل هذا السحرُ مخبّأٌ في خزانة العالمِ؟ لماذا أعطوني علبةً إذن؟ لماذا أخرجوني منها إذن؟
]31[ يعودُ الطفلُ إلى دمي ركضاً يختبئُ من النساءِ والمدنْ يقبِّلُ يديَّ: لا ترسلني إلى رحلةٍ أخرى... ]32[ أنقسمُ إلى جسدين وما عدتُ أعرفُ أيهما أنا البحرُ شاهدٌ محايدٌ يناقشُ كلَّ جسدٍ على حدة ]33[ بغدادُ تزفّني إلى النهرِ أجلسُ منتظراً أسطورةً تدمِّرُها الدبابةُ في الطريق
]34[ أفردُ أجنحةً من صُورٍ وأخوضُ معاركَ من وهمٍ وفي آخرِ الليلِ أجدُ ألقاباً كثيرةً على سريري ]35[ يا أبي أَخرِجْ لي بُرتُقالةً من جيبِ قلبِكَ فقد أدمنتُ البُرتُقال ]36[ أصنعُ شمعةً من بقايا أحلامٍ على النافذة وفي القالبِ المُرتَجَلْ أنسى يَدِي معلَّقةً في الخيط ]37[ عشبةٌ غضّةٌ على القلبْ ووردةٌ شهيّةٌ في مرمى العين الهواءُ مصبوغٌ بالحنّاء والنومُ لم يعُدْ ضرورةً
]38[ تأتيني كصلاةِ الفجرِ تلقي بلغةٍ وبحرين في حِجري وتغيبُ تحتَ وِسادَتي ]39[ أممٌ من حدائق تشربُ نبيذي تأكلُ خبزي وتصلبني ولا تمدحني ببيت شعر واحد
]40[ أخضُّ علبةَ الكلام تخضُّني وحوتٌ مهاجرٌ دائماً يضحكُ دونَ سبب ]41[ تلتقطني قبّرةٌ من منامي ترفُّ، تلفُّ تزرعُني في منامٍ جديد وتطيرُ تبحثُ عني ]42[ صفيرٌ في الأمكنةِ الخالية يقعُ جبلٌ على كتِفي وأكتشفُ ضياعي فما كانَ القلبُ إلا صورةً في مرآة
]43[ أرى العالَمَ وهو يرى العالَمَ وهوَ يرى العالَمَ ويبكي الطائراتُ تحرِمُ الشتاءَ من خبزِهِ وتحرمُ جارَتَنا من أفكارِها ]44[ المكانُ يبحثُ عن ذاكرتِهِ بين الأطفال لم يعُدْ يعرِفُهُمْ ما عادوا يذكرونَهُ ما عادَ يهُمُّهُم ]45[ أزيحُ الليلَ عن مشهدٍ في الشبّاك يا ألله كم أنت جميلٌ أيُّها الصُّبحُ يا ألله الحياةُ ما زالتْ ممكنةْ
|